أخر الاخبار

قنبلة بهجلي واردوغان..مالذي يحدث بين تركيا والاكراد وما علاقة اسرائيل؟

 

بهجلي يدعو عبد الله اوجلان الى البرلمان والقاء السلاح
زعيم الحركة القومية دولة بهجلي

بالعربي نشر في 04 /2024/11 

بعد التهديد الخطير الذي تشكله اسرائيل على تركيا، بحسب مسؤولين بارزين في الحكومة التركية بما فيهم الرئيس التركي اردوغان، الذي حدر من خطورة الحرب التي شنتها اسرائيل على فلسطين ولبنان والتلويح بتوسيع الحرب لاحتلال سوريا، دقت الحكومة التركية ناقوس الخطر، محذرة من مغبة السماح لاسرائيل لتنفيد مخططاتها التوسعية في المنطقة، واعتبرت ذلك تهديد لامنها القومي يجب التصدي له بكل الطرق الممكنة.

 في ظل هذه الاوضاع وفي ظل استمرار اسرائيل في تنفيد مجازرها ومخططاتها التوسعية بلا حسيب ولا رقيب، اعتبرت تركيا ان تقوية الجبهة الداخلية للبلاد، هو السبيل الوحيد للوقوف في وجه اطماع نتانياهو التوسعية المدعوم من الولايات المتحدة الامريكية، ومن هذا المنطلق تحرك حليف اردوغان دولة بهجلي زعيم حزب الحركة القومية، موجها دعوة غير مسبوقة الى عبد الله اوجلان، دعايا اياه لتصفية حزب العمال الكردستاني الذي يعد اكبر ازمة داخلية تواجهها البلاد مند سنوات كشرط لاطلاق سراحه، 

حيث قال زعيم الحركة القومية دولت بهجلي في دعوته الموجهة  لاوجلان، انه لا حل للازمة الكردية في تركيا بدون اعلان زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله اوجلان، تصفية القوات الكردية المسلحة، التي تقاتل الاجهزة الامنية التركية مند 30 عاما.

  فماذا يحدث مع الاكراد في تركيا؟

الصحفي التركي كمال اوزتورك في مقال له على الجزيرة، ينقل الكثير من التفاصيل هول هذا الموضوع الشائك الذي امتد لعشرات السنيني بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، الى ان اتت هذه الدعوة من حليف اردوغان لعبد الله اوجلا، والتي اثارت جدلا سياسيا كبيرا في الاوساط التركية.

 في خضم اجابته عن هذا السؤال يقول الصحفي اوزتورك، مند ثلاثين عاما، تجولت كصحفي في جميع المناطق والمدن التي يتركز فيها الاكراد في تركيا، انطلاقا من مدينة فان التي تود في اقصلى الشرق الى مدينة مرسين التي توجد في الغرب التركي، ومنذ ذلك الوقت، اتابع بكل التفاصيل الدقيقة الازمة الكردية، وكذلك قضية الارهاب وتاثيراتها الاقليمية، حتى اصبحت لا احصي زرت فيها تلك المناطق.

 لكنه في الاومنة الاخيرة، لاحظت ان تركيا تشهد نقاشات جادة وفعالة حول القضية الاكراد الشائكة، وهذا بالطبع تطور مهم اقليميا وعاميا كذلك، خصوصا وانه اتى في وقت يشهد فيه المحيط التركي تقلبات جيوستراتيجية غير مسبوقة اهمها الحرب التوسعية التي تشنها اسرائيل على المنطقة.

 دولة بهجشلي ياتي بصريحات مفاجئة للغاية

  قبل خمسة عشر عاما من الان، قام حزب العدالة والتنمية الحاكم باصلاحات كبيرة لحل القضية الكردية، وحينها كان دولة بهجلي الزعيم الحالي للحزب الحركة القومية، من اشد المعارضين واكثر المنتقدين لهذه الاصلاحات التي اتت لصالح الاكراد، واستمر بهجلي في هذه السياسة حتى بعد تحالفه مع حزب العدالة والحاكم في 15 يوليو/تموز 2016، حيث استمر بهجلي في اتخاد موقف صارم تجاه حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل الاكراد في البرلمان التركي، وكان بهجلي يرفض التفاوض مع الحزب بشكل قاطع، بدعوى انه يمثل الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني ويظهر ردود فعل قوية تجهه.
  
 لكنه خلال الفترة الاخيرة، وبالضبط في 23/10  من العام الجاري 2024، اثارت دعوة بهجلي كل الاوساط السياسية في تركيا بعد مصافحته نواب حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان التركي، مشيرا الى الحاجة الى التهدئة السياسية، ووبينما كان الجل حول هذه المصافحة محتدما للغاية، فاجا بهجلي من جديد، الجميع مرة اخرى وهذه المرة بشكل اقوى، عبر تصيحه الصادم والمفاجئ خلال اجتماع كتلته الحزبية، اذ اشار بهجلي في هذا التجمع الحزب الى امكانية اطلاق سراح عبد الله اوجلان، الذي يعد المؤسس البارز لحزب العمال الكردستاني، والمحكوم عليه من قبل السلطات التركية بالمؤبد مند 25 عاما، لكن شريطة ان يوافق عللى حل التنظيم الارهابي الذي اسسه ووقف الارهاب الذي يمارسه، الاكثر من ذلك، يقول بهجلي ان اوحلان اذا نفد هذه الدعوة سيتم السماح له لالقاء كلمة له في البرلمان التركي.
 
 والذي حدث، انه بعد يوم واحد فقط، من تصريح دولة بهجلي، تم ترتيب لقاء بين عبد الله اوجلان المحتز في سجن بجزيرة ايمرالي،  وابن اخيه النائب في البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطي عمر اوجلان، وتمكن الاخير خلال هذا اللقاء من نقل رد عبد الله اوجلان حول دعوة بهجلي، قائلا؛ العزلة مستمرة، واذا توفرت الظروف، فانني امتلك القوة النظرية والعلمية، لنقل هذا المسار من ارضية الصراع والعنف، الى ارضية قانونية وسياسية، وهذه التطورات والردود من قبل اوجلان، زادت من الزخم الذي اثارته تصريحات دولة بهجلي.

هناك صدمة داخل حزب العمال الكردستاني

  اثار تصريح دولة بهجلي المعروف بمواقفه القومية والمتشددة، اثارت الجميع في كل الاوساط التركية، ووجد معها السياسيون والمحللون التركيين صعوبة كبيرة في فهم وتفسير منطقي لموقف بهجلي المفاجئ، لمنه مع ذلك، لكن الصدمة كانت كبيرة اكبر بكثير، في صفوف وكوادر حزب العمال الكردستاني وكل الفصائل المرتبطة به، حيث صرح بعض الاعضاء في العمال الكردستاني، انه اذا قبل عبد الله اوجلان بدعوة بهجلي، سوف نقبل نحن ايضا، لكن هناك ارتباك ملاحظ، في بعض لقيادات في اوروبا وقنديل وروجافا.
  
ففي البداية، دعم حزب الشعوب الديمقراطي الاقتراح الذي عرضه دولة بهجلي، لكن تم التراجع عن ذلك فيما بعد في بيان اخر يعارض هذا المقترح بعبارات معقدة، ما يفسر ان الحزب لا يزال غير مستقر في راي نهائي حول الموضوع، فاذا رفض المقترح يعني ان ان اوجلان سيظل مسجونا، بينما القبول به يعني الافراج عنه ولكنه يعني ايضا تخلي الحزب عن السلاح بشكل نهائي.

هناك صعوبة تخلي الحزب عن السلاح نهائيا

  فحتى لو دعا عبد الله اوجلان، للتخلي عن السلاح بشكا=ل نهائي بعد خروجه من السجن الذي ظل فيه لسنوات ويلة، فان العقبات كبيرة للغاية، تحول دون قبول حزب العمال الكردستاني بهذا الامر بسهولة، ولعل الاسباب هي كالتالي؛
 
حزب العمال الكردستاني يوجد في الكمثير من المواقع، منها جبال قنديل في العرا، وكذلك في منطقة روجافا في سوريا، وكذلك يوجد في المانيا، وبين كل هذه المحاور تنافس كبير في السنوات الاخيرة، واصبحت هذه الاطراف تتصارع في ما بينها، والصراع بين قنديل وروجافا اصبح علنيا وواضحا، اد تربط روجافا علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل، وتتلقى دعم عسكري كبير منها لحماية القواعد الامريكية.
 
في حين ان جناح الحزب في قنديل، يتاثر بشكل مباشر بايران، ويحاول توجيه الدفة السياسية في السليمانية في العراق، بينما لجناح الاوروبي، فهو مندمج مع المواقف الالمانية زتتم ادارة الانشطة المالية والاجتماعية من هذه الدولة، ولذلك، فكل هذه الدول، ايران واسرائيل والمانيا والولايات المتحدة الامريكية ثؤثر في قرارات الحزب بشكل مباشر او غير مباشر، وهو ما معناه ان هذه القوى لن توافق على تخلي الحزب عن السلاح، على اعتبار ان الحزب بالنسبة لكل هذه الاطراف، يعد الاداة الوحيدة لمواجهة تركيا ودول المنطة.
 
 وهناك قادة في الحزب لا يعرفون الا القتال في الجبال مند اربعين عاما، مثل؛ مراد قره يلان، وجميل باييك، ودوران كالكان، وهوؤلاء كلهم، يخشون من المجهول حال تخليهم عن السلاح بشكا نهائي، هذا بالاضافة ان هؤلاء القادة في الحزب الكردستاني، يؤثرون على الاف المقاتلين الذين يعتممون على القتال من اجل استمرارهم، ما يجعلهم يعتقدون ان حل القوات في قنديل يعني نهاية حتمية لهم، وهذا سيجعلهم لمعارضة اقتراح دولة بهجلي، ومعارضة فكرة التخلي عن السلاح.
 
نحو 80 الف مقاتل في روجافا، تحولوا الى جيش شبه منظم كونته الولايات المتحدة الامريكية، ما يجعلهم يعتبرون انفسهم قوة كبيرة و منظمة مقارنة بجناح قنديل القديم، ما يطرح الكثر من الشكوك حول قدرة تاثير عبد الله اوجلان على هذا التنظيم وهؤلاء المقاتلين للتخلي عن السلاح، وافتراضا، اذا ترك جناح قنديل السلاح ورفضت روجاف، فالسؤال حول ما سيحدث بعد ذلك يبقى محيرا ويصعب الاجابة عليه، كما ان مصير الاسلحة الامريكية والذخائر التي قدمتها واشنطن غير معروف.
 
التحولات الكبيرة التي عرفتها المنطقة، خصوصا بعد الهجوم الاسرائيلي على غزة، ثم لبنان، ثم ايران، ثم سوريا، جعل الاكراد في حزب العمال الكردستاني وحلفائهم، ان هناك تغييرات كبيرة في خرائط المنطقة، ويرون ان هناك فرصة كبيرة قد لا تعوض، لتحقيق حلمهم الكبير والقديم، حول انشاء دولة كردستان الكبرى المستقلة، وهذه التحولات الجيوستراتيجية والفوضى الحالية، ما هي الا فرصة لتحقيق هذا الهذف، ولذلك يرون ان فرصة التصالح مع تركيا والتخلي عن السلاح في الوقت الراهن ليس في مصلحتهم.

لماذا تم اتخاد خطوة مفاجئة كهذه في الوقت الحالي!

 بالنسبة للرئيس التركي فالعدوان الذي بداته اسرايل لن يتوقف وهذه حقيقة تابثة لديه، ويؤكد الرئيس التركي ان الدور سياتي الى سوريا بعد لبنان، مما سيفتح المجال للجيش الاسرائيلي للمواجهة المباشرة مع تركيا.
 
دائما ما يشير الرئيس التركي اردوغان، ان حلم اسرائيل الكبرى، يشمل ايضا اجزاء كبيرة من الاراضي التركيية، وبان اسرائيل لن تتوقف الى بعد الاستيلاء على اراض تركية، وهناك تقييم بان حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، التي تتالف من حوالي 80 الف مقاتل في سوريا خاضعون للسيطرة الامريكية واسرائيل، سيهجمون تركيا عندما تحين لهم الفرصة، ويثيرون الفوضى عبر استغلال الاكراد.
 
 ومن هذا المنطلق، قام اردوغان باتخاد خطوة مفاجئة، تهدف الى سحب هذه الورقة من يد الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل، ويسعى لمنع تقسيم دولة سوريا المجاورة، ومنع اعلان دولة كردية في روجافا، وكذلك من اجل تعزيز السلام الداخلي في تركيا، كل هذا يرتبط بالسلام مع الاكراد، واتت الخطوة الاولى من حلف اردوغان دولة بهجلي الذي قدم هذا الاقتراح المفاجئ وغير متوقع غيرت الاجندة بالكامل.

عن الكاتب

كمال اوزتورك؛
اعلامي صحفي تركي ومخرج اخباري وكاتب، مخرج افلام وثائقية، مدير عام وكالة الاناظول سابقا.
 
هل اعجبك الموضوع، لا تنسى مشاركته مع اصدقائك.

 



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-